المعاشرة
الزوجية يشترك في أدائها الزوجان ، ويتعاونان على تحقيق التوازن النفسي من
خلالها ، لكنّ للمعاشرة الزوجية آداباً ينبغي مراعاتها ،
كما أن لها معايير ينبغي عدم تجاوزها ، وهناك أسئلة كثيرة تطرح نفسها في هذا الموضوع :
• من المسؤول عن المعاشرة الزوجية ؟!
• ومن المسؤول عن على إيجاد اللحظة السعيدة ؟!
• ومن الذي يبدأ بالتحرك والمبادرة إليها ؟!
من المسؤول عن المعاشرة ؟
إن أعمال المنزل كثيرة وتكاليف الحياة أكثر ، ويمكننا في بعض التكاليف أن
نحدد المسؤولية ، فمثلاً : السعي في طلب الرزق من مصادره مسؤولية الزوج ،
وإعداد الطعام وتحضيره مسؤولية الزوجة ، وهذه قضايا واضحة وبينّة ، ولكن
من المسؤول عن المعاشرة الزوجية ؟! سؤال نطرحه لنؤكد به أن المعاشرة
الزوجية لا يختص بها طرف واحد بمفرده ..! إنها مسؤولية الطرفين ، لأن هناك
طرفاً مانحاً وآخر آخذاً ، وغالباً ما يكون المانح هو المخطط للمعاشرة
الزوجية ، فيبدأ بالتعبير عن رغبته ببعض الكلمات المعبرة أو ببعض التصرفات
والحركات التي يفهم منها الطرف الآخر رغبة الأول .
وأنجح العلاقات الزوجية عندما يكون الزوجان متناوبي الأدوار في هذا
الموضوع فمرة يكون الزوج هو المانع ومرة يكون هو الأخذ ، وكذلك الزوجة مرة
تكون هي المانحة ومرة تكون هي الآخذة ، فتبادل الأدوار بين الزوجين حسب
رغبتهما ، وتعاونهما جميعاً على الأخذ والعطاء ، يؤثر تأثيراً إيجابياً في
العلاقة الزوجية ، وتصبح عندها النفوس مستقرة تملؤها المحبة والمودة .
ولكن متى تظهر المشاكل بين الزوجين في غرفة النوم
يكون ذلك عندما يشعر أحد الزوجين بأنه دائماً هو المانح ، أو أنه دائماً
هو الآخذ ، هنا تثور المشكلة ويبدأ معدل إيجابية المعاشرة الزوجية في
الانخفاض تدريجياً حتى تصبح شيئاً لا قيمة له في حياة الزوجين .
فالمطلوب الآن أن يسأل كل واحد منا نفسه : هل أنا الذي أمنح كثيراً ؟! أو أنا المتلقي كثيراً ؟!
ثم لينتهج طريقة من الآن في تحقيق التوازن .
من المسؤول عن اللحظة السعيدة ؟
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن ، من هو المسؤول عن إيجاد اللحظة السعيدة في
غرفة النوم ؟ قد يقول قائل : إنها الزوجة ، وقد يقول آخر : بل إنه الزوج ،
ومرة أخرى نقولها ، وبصوت عالٍ : إنهما الاثنان معاً ، لأن المعاشرة
الزوجية ممارسة مشتركة فيها الأخذ والعطاء ، فلو أن أحد الطرفين كان
أنانياً ويؤثر نفسه ودائماً يوجد اللحظات التي تسعده هو فإنه سيرى أثر هذه
الأنانية مستقبلاً ، عندما يحرص علي إيجاد اللحظة السعيدة فلا يجدها ،
ويظل في الأماني والأحلام ، ولا يعلم أنه هو الذي حرم نفسه من هذه اللحظات
بسبب أنانيته ، فمسؤولية اللحظة السعيدة ، مسؤولية الطرفين وكما يحب الزوج
أن تسعده زوجته ، فكذلك هي تحب أن يسعدها زوجها .
من يبادر ؟
إن المبادرة لا تعني الضعف والهوان ، كما أن المبادرة ليست من اختصاص
الزوج وحده أو الزوجة وحدها ، ولكي تكون العلاقة بين الزوجين طيبة وحسنة ،
ينبغي أن تكون المبادرة من الطرفين ، فمرة يكون المبادر هو الزوج ، ومرة
تكون الزوجة هي المبادرة ، ولكن أهم شيء في المبادرة أن لا يتعجل المبادر
فيجعلها معاشرة سريعة ثم يتهم الطرف الآخر بعد الاستجابة له ، وأنه دائماً
هو المبادر وأنه هو المعطي والمانح ، وعلي من يبادر أن يتحمل ويصبر حتي
يتهيأ الطرف الآخر ، فإن التسبب في السرور أسهل من أن تصبح مسروراً ، وإذا
شعر الطرف الآخر بعدم السرور وعدم التهيؤ فليترك للطرف الآخر أن يطيل معه
في المداعبة لعدة دقائق ، وعندما يشعر بالاستجابة فليبين له ، وليطلب منه
الزيادة في الملاطفة ، وعندما يشعر من بدأ بالمبادرة أنه كان موفقاً
بالتوقيت والتصرفات وميل الطرف الآخر إليه ، فإنه يشعر بالسعادة تجاهه ،
ويزداد حماساً وتفاعلاً ، ويبدأ في تحقيق ذاته واستقرار نفسه .
من يبادر ؟! سؤال مهم ، ولا عيب أن يبادر الرجل أو أن تبادر المرأة ، فقد
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه إني لأكره نفسي على الجماع أملاً أن
يرزقني الله ولداً مسلماً .
فالمبادرة إذن تكون من الطرفين ، كما وأنها تكون لهدف جليّ والله الموفق .
إنها للنوم فقط
إن من أكبر الأخطاء الشائعة في الحياة الزوجية أن يتعامل الزوجان مع غرفة النوم على اعتبار أنها للنوم فقط .
ليست للنوم وحده وإنما هو جزء من برنامجهما ، فلو تعامل الزوجان على أنها
للنوم فقط ، فإن الحياة الزوجية ستصبح جافة بين طرفيها ومتوترة لأن هناك
مواضيع لا يستطيع الزوجان أن يناقشاها أمام الأولاد أو في السيارة أو في
الصالة ، ولا تصلح إلا في غرفة النوم ومع هدوء الليل وسكونه .
ولهذا فإنني أقترح على الزوجين ألا يسميانها بهذا الاسم وليطلقا عليها : غرفة الحياة أو غرفة السعادة أو غرفة المحبة والمودة